الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمساعدة الآخرين من أعظم أبواب الخير ولها مكانة عالية جداً في الإسلام الذي جاءت عقائده وشرائعه لإصلاح العلاقة بين العبد وربه، وبين العباد أنفسهم، ولهذا حث الإسلام على إيصال النفع للآخرين بقدر المستطاع ـ حتى ولو كانت هذه المساعدة لحيوان فلها أجر عظيم ـ كما سيأتي، ولأن هذه المساعدة نوع من العبادة التي يرجو بها المسلم الثواب من ربه، فإن من شروط قبولها وحصول المسلم على الأجر أن تكون هذه المساعدة خالصة لله تعالى يرجو بها المسلم رضا ربه، وأن يرزقه الثواب المترتب على هذه المساعدة، ويمكن أن ينوي المسلم بهذه المساعدة أكثر من نية مما لا تتعارض مع الإخلاص المطلوب، فيمكن أن ينوي إدخال السرور على المسلم وهذه نية مطلوبة وممدوحة ويثاب المسلم عليها - كما سيأتي في الأدلة - ويمكن أن ينوي شكر الله على نعمه عليه وأنه أغناه عن غيره فهو يخرج صدقة هذه النعمة ببذل المعونة لغيره من المحتاجين والنوايا في هذا كثيرة، أما بذل المساعدة من أجل المصالح الشخصية، فإن كنت تعني بالمصالح الشخصية أن يريد الإنسان الثناء من الناس ونحو ذلك، فإن ذلك يتنافى مع الإخلاص، وبالتالي، فثواب المسلم منها هو ما يتحقق له من مصلحة في الدنيا، أما في الآخرة فلا أجر له فيها، لأنه قد حصل في الدنيا على ما عمل لأجله، وأدلة ما ذكرناه من ضرورة الإخلاص عند بذل المساعدة أو غيرها من أفعال الخير كثيرة، بسطناها في الفتوى رقم:52210، فنرجو مراجعتها.
وأما إن كان المقصود بالمصالح الشخصية الأمور المشروعة التي لا تتنافى مع الإخلاص كأن يقصد من جماع زوجته أن يعفها ويعف نفسه عن الحرام مع قضاء شهوته، فإن ذلك لا ضرر فيه ولا يتنافى مع تحصيل الأجر ففي الحديث الشريف: قالوا: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيت لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر؟ ... الحديث. رواهمسلم.